نبض سوريا - متابعة
تشهد مناطق سكنية علوية في ريفي حمص الغربي وحماه، على وجه الخصوص، موجة نزوح مأساوية أجبرت العائلات على مغادرة منازلها وأراضيها تحت وطأة التهديد المسلح والخوف على الحياة، في مشهدٍ يُحاكي مآسي التهجير القسري.
وتأتي هذه الموجة ضمن سياقٍ من العنف المستمر والانتهاكات الممنهجة التي تُصنفها تقارير حقوقية على أنها جزء من سياسة غير معلنة تهدف إلى إفراغ مناطق بعينها من سكانها الأصليين، وسط تجاهل رسمي وغياب للمحاسبة.
وبحسب تصريحات أدلى بها شهود عيان لـوكالة "نبض سوريا" ، أن " الحادثة المروعة التي وقعت في قرية الصبورة بريف حماة الشرقي، حيث أقدم مسلحون على إطلاق النار، ما أسفر عن سقوط قتلى وإصابة خمسة مدنيين بجروح متفاوتة، لم تكن الضربة القاصمة بقدر ما كان أشد الماً، وفقاً للشهود، هو تواجد دورية تابعة للأمن العام في مكان الحادث أثناء وقوعه، دون أن تتحرك لوقف الاعتداء أو ملاحقة الجناة، لتبدأ عملها بعد فرارهم، في مشهد يكرس ثقافة التقاعس ويدفع باتجاه حالة من اللامبالاة المؤسساتية.
وتعليقاً على الحادثة، بيّن "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن "جريمة الصبورة ليست سوى حلقة في سلسلة ممتدة من الانتهاكات التي تشمل القتل العمد والتصفيات الفردية والاعتداء على الممتلكات وسلب الأراضي في مناطق العلويين".
وأكد المرصد أن "تكرار هذه الجرائم وتزامنها مع حملات تضييق، يطرح تساؤلات جوهرية عما إذا كانت تهدف إلى بث الرعب فحسب، أم أنها تنفذ سياسة غير معلنة لإحداث تغيير ديموغرافي تدريجي، تُنفذ على الأرض دون قرارات علنية ولكن بنتائج ملموسة".
على الرغم من خطورة هذه الانتهاكات وتكرارها، تواصل وزارة الداخلية في "الحكومة المؤقتة" تصنيفها على أنها "حوادث جنائية فردية"، في محاولة واضحة، وفقاً لتحليل المرصد، لنزع البعد الطائفي والممنهج عنها.
هذا النهج الرسمي، بحسب المرصد، يساهم في طمس الحقيقة ويعزز مناخ الإفلات من العقاب، مما يشجع على استمرار الجرائم ويُهدد أسس السلم الأهلي في البلاد.
وحذّر المرصد من أن استمرار التعامل مع هذه الجرائم كحوادث منفصلة لا يهدد أمن المواطنين العلويين فحسب، بل يضرب العدالة في الصميم ويساهم في تأجيج الاحتقان المجتمعي ويهدد بتفكيك النسيج الاجتماعي السوري الهش بالفعل.
ودعا المرصد إلى فتح تحقيقات مستقلة وشفافة في جميع هذه الجرائم، وضمان حماية المدنيين دون تمييز، ووضع حدٍ حاسم لسياسة الإفلات من العقاب التي تُعقّد الأزمة وتقوّض أي أمل حقيقي بإعادة الإعمار والمصالحة في سوريا المستقبل.