من مسجد حمص إلى ساحات الساحل…
نار القمع تطارد الاعتصامات السلمية وتعيد السوريين إلى مربع الخوف

  • A+
  • A-

 نبض سوريا - متابعة 

شهدت مناطق في الساحل السوري ومدينة حمص منذ صباح اليوم الأحد توترات واسعة عقب التفجير الذي استهدف مسجد علي بن أبي طالب في مدينة حمص، وما أعقبه من دعوة أطلقها الشيخ غزال غزال، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، لاعتصام سلمي تعبيرا عن التضامن مع الضحايا والمطالبة بحماية المدنيين.


الدعوة قوبلت باستجابة شعبية لافتة في مدن وبلدات الساحل الممتد من اللاذقية إلى طرطوس، وفي حمص وحماة، حيث خرج الآلاف من أبناء الطائفة العلوية في تظاهرات سلمية تندد بالاعتداء وتستنكر ما وصفوه بـ«الانتهاكات الممنهجة» بحق المدنيين.


غير أنّ قوات تابعة للسلطة الانتقالية، مدعومة بآلاف العناصر وآليات عسكرية ودبابات، انتشرت بكثافة في محيط مواقع الاعتصام. 


ووفقًا لمتابعات المرصد السوري لحقوق الإنسان، شهدت أحياء في اللاذقية وجبلة وطرطوس وبانياس وحمص مواجهات عنيفة واعتداءات مباشرة على المتظاهرين، شملت إطلاق نار حي وقنابل مسيلة للدموع واستخدام أسلحة بيضاء في تفريق المحتجين.


وأكد المرصد توثيق استشهاد مواطنين اثنين جراء تعرضهما لإطلاق نار من قبل قوات الأمن ومؤيدي الحكومة الانتقالية، فيما سُجلت  إصابة أكثر من خمسين متظاهرا بجروح متفاوتة، وصفت بعضها بالخطرة. 


كما أظهرت أشرطة مصورة وصور موثقة إطلاق نار مباشر واعتداءات بالسكاكين والسواطير على محتجين في  دوار الأزهري باللاذقية وتقاطع متحلق دوار العمارة بجبلة.


وتوزعت نقاط الاعتصام في كل من: دوار الزراعة ودوار الأزهري في اللاذقية، دوار السعدي في طرطوس، دوار العمارة وضاحية المشفى في جبلة، دوار المريجة في القرداحة، دوار القصور في بانياس، ساحة جامع الإمام علي بن أبي طالب في وادي الذهب، وساحة الزهراء في حمص، بالإضافة إلى سلحب وعين الكروم ومصياف في محافظة حماة.


ورغم الطابع السلمي للاحتجاجات، أفاد شهود عيان بأن عمليات تفريق المتظاهرين اتخذت طابعًا «عنيفًا ومنظمًا»، وسط مشاركة عناصر من الأمن العام ومجموعات توصف محليًا باسم «السلم الأهلي»، التي تحولت – بحسب المحتجين – إلى «أذرع ميدانية للقمع» في الشوارع والأحياء السكنية.


وفي تعليق اعتبره ناشطون «الأقسى منذ بدء الاحتجاجات»، اعتبر المرصد أنّ «المواجهة الأمنية مع الاعتصام السلمي بلغت مرحلة القطيعة التامة وفقدان الثقة بسلطة تتصرف كفصيل جهادي سلفي، بعيدًا عن شرف المؤسسة العسكرية القائمة على حماية المواطن لا قمعه». كما انتقد ما أسماه «الأطر الشكلية»، بما فيها مجموعات السلم الأهلي، مؤكداً أنها «تحولت إلى معسكر مواجهة دائم لأي تعبير شعبي».


وعلى الصعيد الدولي، طالب المرصد السوري لحقوق الإنسان مجلس الأمن والمفوضية السامية لحقوق الإنسان بتدخل عاجل لوقف ما وصفه بـ«الانتهاكات الطائفية المتكررة»، معتبرًا أن البلاد «تتجه نحو إعادة إنتاج خمسة عشر عاما جديدة من الاستبداد والعنف، تحت مسميات جديدة وفي عهد رئيس جديد يعيد السوريين إلى مربع الخوف الأول».


وفي سياق متصل، وجّه المرصد انتقادات لاذعة لجامعة الدول العربية، معتبرًا أنها «لم تحرك ساكنًا إزاء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان»، في حين وصف تغطيات بعض الوسائل الإعلامية الخليجية بأنها «مفبركة وتروّج لسيناريوهات تتحدث عن تحركات عسكرية وهمية للفلول».


وفي ختام بيانه، ناشد المرصد كل المدافعات والمدافعين عن الكرامة الإنسانية، والهيئات الحقوقية الدولية، الوقوف إلى جانب الشعب السوري قبل فوات الأوان، والحيلولة دون انزلاق البلاد نحو موجة جديدة من الانتهاكات والصدامات.