الأولويّة القصوى للشرع

  • A+
  • A-

 نبض سوريا -  مقال

يعيش العديد من السوريين على أمل تحسُّن الأوضاع المعيشية والاقتصادية المُتداعية، والتي تفاقمت خلال سنوات حكم نظام الرئيس السابق بشار الأسد. في المقابل، يسعى آخرون إلى الهروب من واقع النظام الحالي الذي يكتنفه الغموض، ليصطدموا بمصائر قاسية بدلًا من تحقيق حريتهم، حيث تُغلق في وجوههم أبواب السجون بدلًا من آفاق التحرر. وفي خضم هذا، يغوص الاقتصاد السوري في دوامة أزمات مركَّبة، أبرزها تفشّي الفساد، وفرض العقوبات الدولية، وسوء الإدارة، مما أدى إلى ارتفاع التضخم ووصول 90% من السكان إلى حافة الفقر. وتشير إحصائيات برنامج الغذاء العالمي إلى أن نحو 12 مليون سوري يعانون انعدام الأمن الغذائي.


يُظهر الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع تركيزًا واضحًا على الملف الاقتصادي، حيث أعلن خلال حديث تلفزيوني عن تحضيرات جارية لوضع "خطة استراتيجية" تهدف إلى إعادة هيكلة الاقتصاد، متجاوزةً النهج الاشتراكي الذي وصفه بأنه "مصدر مُعضلات عدّة". وكشف عن تشكيل فريق اقتصادي من خبراء سوريين داخل البلاد وخارجها، يعمل على صياغة خطة عشرية تشمل مرحلة إسعافية عاجلة، تليها مرحلتان متوسطتا وبعيدة المدى.


غير أن التساؤلات تطفو حول جدوى هذه الخطط في ظل استمرار التحديات الأمنية والسياسية، مثل الاعتقالات التعسفية، والتوغلات الإسرائيلية والتركية، وتدخُّل القوى الخارجية في الشأن السوري. فهل تُقدِم الخطة "الإسعافية" على معالجة جذور الأزمات، أم أنها مجرد حلقة جديدة في سلسلة المشاريع الوهمية التي تكرّس حالة الانهيار؟ يبدو أن المرحلة الانتقالية ذاتها تُصارع تناقضاتها، حيث تتعثر بفعل تحوّلاتها الداخلية قبل أي عوامل خارجية، مما يُلقي بظلال الشك على إمكانية تحقيق أي تغيير حقيقي في الأفق القريب.