نبض سوريا - متابعة
مضت 100 يوم على انهيار مؤسسات الدولة السورية، بعد أن أطاحت فصائل مسلّحة بسلطة الجيش والأمن، لتخلّف وراءها فراغاً كارثياً تحوّل إلى ساحة مفتوحة للانتقام والقتل.
لم تكتف هذه الجماعات بحل مؤسسات الأمن، بل حوّلت البلاد إلى مسرح لأعنف الجرائم، حيث تُنفَّذ عمليات الاختطاف والتصفيات الجسدية بطريقة ممنهجة، وتتناثر الجثث على الطرقات أو تُدفَن في مقابر جماعية، بينما تحرق بعضها لإخفاء فظائع لا تُحتمل، كما حدث في الساحل السوري الذي شهد بعضاً من أكثر الأحداث دمويةً في تاريخ المنطقة.
تحوّلت القرى والبلدات ذات الأغلبية العلوية إلى أهداف مباشرة لعمليات انتقامية وحشية، شملت الاعتقالات التعسفية والتعذيب والقتل الميداني، تحت ذرائع طائفية. لم تسلم حتى جثث الضحايا من الانتهاك، حيث تحوّلت مناطق ساحلية إلى مقابر سرّية تُخفي جرائم الإبادة، بينما يعيش الناجون تحت رعب دائم من الخطف أو السرقة حال خروجهم من منازلهم.
لم تقتصر الكارثة على الجانب الأمني، فقرارات حكومة البشير بفصل آلاف الموظفين من وظائفهم عمّقت الأزمة الاقتصادية، وحوّلت عائلات بكاملها إلى حافة المجاعة. وفي ظلّ غياب القانون، انتشرت عصابات مسلّحة تنهب الممتلكات العامة والخاصة، دون أي رادع، ما أجبر الأهالي على الاحتماء داخل منازلهم خوفاً من مصير مجهول.
باتت المناطق الخاضعة لسيطرة ما يُعرف بـ "عصابات الجولاني" نموذجاً للقمع الممنهج، حيث تُنفَّذ سياسات تطهير عرقي ضد الأقليات، مدعومة بخطاب تحريضي يغذّي الكراهية. هذه الجماعات لا تكتفي بالقتل، بل تعمد إلى تدمير كرامة الضحايا عبر الإهانات العلنية والتمثيل بالجثث، في مشاهد تُذكّر بأفظع جرائم الحرب.
الواقع السوري اليوم هو مشهد مركّب من الانهيار: أمني يُشبه حرب عصابات مفتوحة، واقتصاد مُدمَّر يدفع المدنيين إلى هاوية الفقر، وانتهاكات ممنهجة تُجسّد أسوأ أشكال العنف الطائفي.
كل المؤشرات تحذر من تحول الساحل السوري إلى ساحة دائمة للصراعات الدموية، في غياب أي أمل بحدوث تغيير قريب.