نبض سوريا -متابعة
لم يتجاوز الشاب السوري "أحمد العاقل" الرابعة والعشرين من عمره عندما اختُطف هو ووالدته "لارا المشعان" من الحياة خلال الأحداث الدامية التي شهدها الساحل السوري، والتي أودت بحياة مئات المدنيين، لتنضم أسماؤهم إلى قائمة طويلة من الضحايا برصيد إنساني مر.
كان أحمد طالباً في كلية هندسة البرمجيات بجامعة "اللاذقية"، لكن شهرته تجاوزت أروقة الجامعة إلى منصات التواصل الاجتماعي، حيث أبدع مع صديقيه في صناعة محتوى كوميدي يعكس تفاصيل حياة الشباب السوري اليومية بمزيج من السخرية والمرح. كانت فيديوهاته، التي تناقلها الآلاف، نافذةً لابتسامة خفيفة وسط واقعٍ ثقيل، حتى تحولت صفحته فجأة إلى نعوة تُخلّد اسمه بعد رحيله المأساوي.
لم يكتفِ أحمد بكونه مصدراً للضحك، بل تحول إلى صوتٍ يدعو للسلام الاجتماعي. فقبل رحيله، نشر عبر "فيسبوك" منشوراً مؤثراً يرفض الطائفية، كاتباً: «من أحبَّ الشمسَ لا يكرهُ القمرَ، ومن عشِقَ عليًّا لا يكره عُمر، لا للطائفية»، في رسالة عبّرت عن رؤيته لإنسانية تتجاوز الانقسامات.
لكن العنف الطائفي في مدينة "بانياس" لم يُفرّق بين الضحك والدموع. ففي حي "القصور"، حيث استهدفت انتهاكاتٌ همجية عشرات المدنيين، فقد أحمد ووالدته حياتَهما معاً، تاركين خلفهما أسئلةً عن مصير مجتمع تطحنه الكراهية.
تحوّل رحيل أحمد إلى رمز لواقع سوري مؤلم، حيث تندد المنظمات الحقوقية والشارع السوري بالمجازر، بينما تبقى الإجابات الرسمية غارقةً في تعقيدات التحقيق. هكذا غيّب الموت صانعَ البهجة، ليصير اسمه شاهداً على جرائم لا تُغتفر.