نبض سوريا - متابعة
يُطرح محافظ البنك المركزي السوري الحالي ليس فقط كخبير اقتصادي، بل كأسطورة أكاديمية تفوقت على قيود الزمان والمكان! وفق سيرته الذاتية، نجح في جمع ثلاث شهادات بكالوريوس من جامعات مختلفة، خلال فترات زمنية متداخلة، وكأنه يمتلك قدرة خارقة على الانقسام أو التنقل بين الأكوان المتوازية!
بدايةً، يُدَّعى حصوله على بكالوريوس إدارة الأعمال من الجامعة الأمريكية في بيروت عام 1984، وهي جامعة مرموقة تتطلب التفرغ الكامل للدراسة. لكن الغموض يبدأ حين يظهر مساره الأكاديمي المزعوم جمعًا بين هذه الدراسة وبين التحاقه بجامعة دمشق للحصول على بكالوريوس الحقوق عام 1986. فكيف جمع بين دراسة تخصصين في بلدين مختلفين، في زمن لم تكن فيه التعلم عن بعد متاحة، خاصةً مع اشتراط جامعة دمشق حضور الدوام الإلزامي؟
الأمر لا يتوقف هنا، بل يُضاف إليه شهادة ثالثة في علوم الكمبيوتر من "الجامعة اللبنانية الأمريكية" عام 1986، رغم أن هذا التخصص لم يكن معروفًا في الجامعات العربية آنذاك، كما أن تلك الجامعة لم تُؤسس ككيان مستقل إلا عام 1994، وكانت تُعرف سابقًا باسم "كلية بيروت الجامعية". فهل استعان بآلة زمنية لدراسة تخصص لم يُخلق بعد؟
الاستنتاج المنطقي الوحيد هنا هو أن هذه السيرة الذاتية عبارة عن فبركة مكشوفة، تهدف إلى تلميع صورة رجل يفترض به إدارة اقتصاد دولة بينما يفشل في تنسيق أكاذيبه بشكل مقنع. إذا كان قادرًا على تحقيق "معجزات أكاديمية" كهذه، فلماذا يعجز عن إنقاذ الليرة السورية من الانهيار؟
السخرية تكمن في أن مثل هذه الادعاءات ليست سوى جزء من ثقافة التزييف التي تسود في أوساط النظام السوري وحلفائه، حيث تُستخدم الأكاذيب لصناعة هالات وهمية حول شخصيات تفتقر إلى الحد الأدنى من المصداقية. فهل يُعقل أن يُعهد باقتصاد بلد إلى من ينسج خرافات لا تصمد أمام أبسط تحليل؟
في النهاية، عندما تُصبح الشهادات المزورة وسيلة للترقي، والكذب مهارةً للبقاء في السلطة، فلا غرابة أن يتحول الاقتصاد إلى ركام، ويُحلق سعر الدولار نحو المجهول. فالعبرة ليست في "عبقرية" المحافظ، بل في نظام يكافئ الوهم ويُهمل الكفاءة!
ملاحظة
قد تكون "عبقرية" هذا الرجل قادرة على تزوير الشهادات، لكنها عاجزة عن تزوير واقع مأساوي يعيشه الشعب السوري يوميًا. فحين تُدار الدولة بالخرافة، يصبح الانهيار هو الحقيقة الوحيدة!