نبض سوريا -
تلكلخ – خاص
تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقطعًا مصورًا منسوبًا إلى المدعو جاسم تميم المصري، المعروف بلقب "أبو معاوية"، ظهر فيه موجّهًا تهديدات علنية من مدينة تلكلخ ضد أبناء الطائفة العلوية، في خطاب تحريضي صريح يُنذر بتصاعد التوترات الطائفية في المدينة ومحيطها.
المقطع أثار ردود فعل واسعة على المستويين الشعبي والحقوقي، خاصة في ظل هشاشة الوضع الأمني وتنامي مظاهر الفوضى المسلحة في المنطقة، ما دفع عدداً من الجهات الحقوقية إلى المطالبة بفتح تحقيق مستقل وشفاف في مضمون الخطاب ومصدره.
بحسب مصادر محلية تحدثت لـ"المرصد المدني"، فإن المصري من مواليد تلكلخ، وكان يعمل في مجال تجارة الهواتف المحمولة حتى عام 2010، قبل أن يتحول إلى العمل كمخبر أمني لصالح جهاز الأمن العسكري، ثم الأمن السياسي في فترة ما قبل الثورة السورية عام 2011.
وبحسب شهادات متقاطعة، فقد شارك المصري في مظاهرات ذات طابع طائفي في مطلع العام 2011، ليتم اعتقاله لاحقًا لمدة ثلاث سنوات، خرج بعدها نتيجة "تسوية أمنية" أعاد من خلالها تعاونه مع أجهزة النظام.
تشير تقارير محلية إلى أن المصري استغل حالة الفراغ الأمني التي أعقبت تراجع سيطرة النظام في تلكلخ ليستولي على أسلحة من مقارّ عسكرية سابقة، ويقوم بتهريبها إلى الأراضي اللبنانية. كما وثّقت مصادر في المدينة تورّطه في عمليات نهب طالت ممتلكات خاصة، بينها متجر يعود لشاب من الطائفة العلوية قُتل لاحقاً في ظروف غامضة.
ولم يقتصر نشاط المصري على الجانب المادي فقط، بل امتد إلى الانخراط في مجموعات مسلّحة محلية تتهمها تقارير موثقة بالمشاركة في مجازر الساحل السوري التي وقعت في 7 و8 و9 آذار الفائت، والتي أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا المدنيين، غالبيتهم من أبناء الطائفة العلوية.
وبعد سقوط النظام فعليًا من تلكلخ، تم توقيف المصري لفترة قصيرة على خلفية خطاباته التحريضية، قبل أن تُسفر وساطات عشائرية ومحلية عن إطلاق سراحه، بعد توقيعه تعهدًا بوقف التحريض.
غير أن شهادات محلية تؤكد عودته إلى ممارسة أنشطة تحريضية، مستخدمًا غطاء "الأمن العام" ومسلحًا برفقة ابنه، دون أي صفة قانونية أو رسمية. وقد شوهد مرارًا وهو يطلق تصريحات علنية عبر وسائل التواصل الاجتماعي تُحرض على العنف الطائفي، ما أعاد إشعال التوتر بين مكونات المدينة.
يوثّق نشطاء من داخل المدينة أن "أبو معاوية" لا ينتمي رسميًا لأي جهة أمنية، لكنه يتمتع بحماية غير معلنة من بعض الشخصيات النافذة، ما يتيح له التحرك بحرية تامة، في ظل صمت رسمي واضح رغم خطورة خطابه وتأثيره على النسيج الاجتماعي.
وتحذّر منظمات حقوقية من أن السكوت عن هذه الحالة سيشجع على تكرارها، خاصة وأن نماذج مماثلة ظهرت في مناطق أخرى، حيث أصبح عدد من المخبرين السابقين جزءًا من "جهاز الأمن العام المحلي"، في ظل غياب واضح لآليات المحاسبة.
في سياق متصل، وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل وإصابة أربعة عناصر من "الأمن العام" يوم 11 حزيران الجاري، خلال هجوم شنّته مجموعات مسلحة محلية في تلكلخ، بقيادة "أبو العلمين الحزوري"، "حسين النعيمي"، و"جاسم المصري"، وذلك عقب خلافات على السيطرة على المعابر الحدودية وملف التهريب بين سوريا ولبنان.
الهجوم يأتي كجزء من مشهد أوسع من الفوضى والانفلات الأمني في المنطقة، وسط مطالبات شعبية متصاعدة بضرورة تحرك حكومي وقضائي عاجل.