نبض سوريا - خاص
في سوريا ما بعد الحرب، تبرز أسماء على أنقاض أخرى. وفي قلب هذه المعادلة الرمادية، يطفو اسم "أحمد الشرع" كوجه جديد قديم، يُقدّم على أنه "الإداري الحازم" تارة، و"رجل التوازنات" تارة أخرى. لكن خلف هذه الصورة الرسمية، تتراكم أسئلة مقلقة حول دوره الحقيقي في ملفات السلطة، المال، والتطبيع.
من الظلّ إلى الواجهة
لم يكن أحمد الشرع يوماً شخصية شعبية أو ذات حضور علني واسع، بل ظل يتحرّك لسنوات في الظل، ما بين الأجهزة الأمنية والمؤسسات "المدنية" التي باتت واجهات لمصالح عسكرية. ومع تسويق اسمه مؤخراً كأحد أذرع "الإصلاح المقنّع"، بدأت تخرج إلى العلن مؤشرات على تورطه في شبكات نفوذ تمتد من ريف حماة إلى الإمارات، ومن ملفات الاستيلاء على أراضٍ، إلى دوائر "إعادة الإعمار" التي تُدار بمنطق الغنيمة لا التنمية.
استثمار أم استيلاء؟
من أبرز الملفات التي ارتبط بها اسم الشرع هو ما يُعرف بمشروع "اكتفاء"، وهي شركة زراعية – عقارية غامضة، تحوم حولها شبهات نزع ملكية قسرية من سكان ريف حماة، خصوصًا في المناطق ذات الغالبية العلوية، تحت غطاء "عقود استثمار طويلة الأمد".
الشركة التي تروّج لمشاريع "تنموية" و"مستدامة"، تعمل في الواقع – بحسب شهادات محلية وتقارير غير منشورة – على شراء الصمت بالقوة، وتغيير الواقع السكاني بهدوء شديد. ويُقال إن الشرع هو صاحب القرار الفعلي فيها، وإن من يقف في وجه توسعها يتعرض للتهميش... أو الأسوأ.
تقاطع المصالح: من الإمارات إلى تل أبيب؟
مصادر متقاطعة تحدثت عن علاقة متينة تربط الشرع بدوائر اقتصادية في أبو ظبي، حيث يُنظر إليه كـ"رجل يمكن الاستثمار فيه" لتطبيع سوري – إسرائيلي غير معلن.
ويقال إن الشرع أدار، أو على الأقل سهّل، قنوات خلفية مع وسطاء إسرائيليين بوساطة إماراتية – روسية، في ملفات تتعلق بمياه الجولان، وأمن الحدود الجنوبية.
ما يثير القلق هنا ليس مجرد التقارب، بل أن يتم على يد شخصية غير منتخبة، وغير شفافة، تتحرك باسم الدولة بينما تخدم منظومة مصالح ضيقة.
ماذا يريد أحمد الشرع؟
هل يسعى لتثبيت نموذج "الدولة التجارية" حيث تُباع الأراضي مقابل النفوذ؟
هل هو مجرد واجهة لشبكة أوسع من الضباط والرجال الأقوياء؟
أم أنه يُراكم السلطة لأسباب شخصية – سياسية – مالية؟
الواقع أن كل هذه الفرضيات محتملة. فالشرع، بحسب مطّلعين، لا يتحرّك وحده، بل يمثل طبقة جديدة من نخب الحرب، التي ترى في الانفتاح الاقتصادي والتطبيع الإقليمي وسيلة لإعادة تدوير السلطة... لا لبناء دولة.
في الخلاصة:
أحمد الشرع ليس "الحل الإداري" الذي تسوّقه دوائر معينة، بل هو تجلٍ جديد لنهج قديم:
رجال يتحركون بلا محاسبة، تحت شعارات براقة، بينما تُنتزع الأرض، ويُقصى الناس، وتُعاد صياغة هوية البلاد بهدوء مخيف.
هل من محاسبة قادمة؟ أم أن "الشرع" سيصبح القاعدة لا الاستثناء؟