نبض سوريا -متابعة
في تحليله لمقابلة رجل الأعمال السوري-البريطاني أيمن الأصفري، أكد الكاتب محمد العبدالله أن الحديث الذي طرحه أصفري ليس مجرد رأي شخصي، بل يُعبِّر عن توجُّهات دولية تسعى إلى الضغط على الرئيس الانتقالي أحمد الشرع لإدخال إصلاحات سياسية تفتح الأبواب أمام اعتراف دولي أوسع بالحكومة السورية.
وأوضح العبدالله أن الأصفري، الذي يُعتبر قناة اتصال بين الدوائر الغربية والسلطة في دمشق، نقل خلال لقاءاته المكوكية مع مسؤولين أميركيين وبريطانيين وقطريين تحفُّظاتٍ دولية على مركزية السلطة وغياب الخطوات نحو حكمٍ تشاركي، مشيراً إلى أن الإدارة الأميركية عبَّرت عن عدم رضاها عبر خطواتٍ رمزية، مثل خفض مستوى التمثيل الدبلوماسي السوري في الأمم المتحدة، ورفض الاعتراف بالحكومة الحالية، بينما دفعت بريطانيا باتجاه حوارات سرية بين فصائل سورية بوساطة منظمات دولية لتحقيق استقرارٍ في المناطق المتنازع عليها.
من جهة أخرى، لفت التحليل إلى أن تركيا تستخدم نفوذها في فصائل "الجيش الوطني" للضغط على الشرع في ملفاتٍ مثل معاهدة الدفاع المشترك وترسيم الحدود، فيما تُواجه قطر عراقيل أميركية في محاولاتها دعم الاقتصاد السوري، ما دفعها إلى تبني خطابٍ نقدي أكثر حدّة عبر شخصيات مثل المفكر عزمي بشارة، الذي كشف عن تعثُّر ملفاتٍ حيوية مثل رفع العقوبات الدولية.
وبحسب التحليل، فإن الأصفري تعمَّد في مقاربته الجمع بين التهذيب الدبلوماسي والانتقاد غير المباشر، ساعياً إلى تجنُّب الاستفزاز المباشر للسلطة أو الرأي العام السوري، لكن هذه اللهجة الهادئة لم تُخفِ تحذيراتٍ ضمنية من عواقب استمرار الجمود السياسي، خاصة مع تزايد المطالب الدولية بخطواتٍ ملموسة نحو إصلاحات تُعيد بناء الثقة مع المجتمع الدولي.
وأكد العبدالله أن الضغوط الحالية على الشرع لا تعني قطيعةً دولية، بل تندرج في إطار "إنذار أخير" لمنحه فرصةً لمراجعة سياساته، إذ لا تزال دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا تُراهن على هامشٍ لتحقيق استقرار سوريا كحاجز ضدّ التمدد الإيراني أو تفجُّر الأزمات الأمنية. لكنه حذَّر من أن تعثُّر الإصلاحات قد يُحوِّل هذه الضغوط الخفية إلى إجراءات عمليّة، كتجميد الدعم أو تشديد العقوبات، ما يُفاقم الأزمات الاقتصادية ويُهدِّد بانهيار الهشاشة القائمة.
يُختتم التحليل بالإشارة إلى أن مقابلة الأصفري، رغم لهجتها المُتزنة، كشفت عن حالة ترقُّب دولية لمستقبل سوريا، حيث تُحاول الأطراف الخارجية توظيف ورقة الضغط الاقتصادي والسياسي لدفع دمشق نحو مسارٍ يضمن مصالحها، في وقت يواجه فيه السوريون تحديات معيشية وسياسية تزداد تعقيداً يومياً.