نبض سوريا -متابعة
أكدت مصادر صحفية وجود مجموعات مسلحة تركية نشطة داخل الأراضي السورية، لافتةً إلى تحوّلات مصيرها في ظل التغيرات السياسية الأخيرة التي شهدتها البلاد.
وجاء ذلك بعد انتشار تسجيل مصوّر لمجموعة تُعرف باسم "فرسان محمد" في ساحة المسجد الأموي بدمشق، ألقى خلالها أحد أفرادها بياناً باللغة التركية، هنّأ فيه "أهل الجهاد والنصر المؤزر"، في مشهدٍ لفت الأنظار لتميّزه باستخدام لغة غير مألوفة في السياق السوري.
وبيّنت المجموعة، التي ظهرت علناً عبر منصات التواصل الاجتماعي، أنها تضم مقاتلين قدموا من تركيا إلى سوريا بدوافع جهادية، منذ اندلاع الحرب عام 2011، حيث انخرطوا في القتال إلى جانب فصائل معارضة.
وأوضح مراقبون أن هؤلاء المقاتلين يمثلون جزءاً من ظاهرة أوسع لمقاتلين أجانب، يصعب تحديد أعدادهم بدقة، لكن وجودهم مستمر عبر سنوات الصراع.
وقال الباحث أيمن جواد التميمي، في حديث لبي بي سي، إن "مستقبل هؤلاء مرهون بقرارات الإدارة السورية الجديدة، مشيراً إلى أن الحكومة تدرس منح الجنسية للمقاتلين الأجانب، فيما تحاول الهيئة دمجهم في بنيتها.
من جهته، حذّر الباحث غريغ كلاين من جامعة لايدن الهولندية من توترات محتملة بين المقاتلين الأجانب والمحليين، خاصة إذا اختلفت رؤيتهم حول طبيعة الدولة السورية الجديدة، قائلاً: "إن سعت الهيئة لبناء دولة وطنية بدلاً من إسلامية، فقد يجد الأتراك صعوبة في تقبّل التحوّل، ما قد يدفعهم لعرقلته".
وبالعودة إلى الواقع الميداني، أكد شهود عيان مشاركة مقاتلين أتراك في أعمال عنف خلال الاشتباكات الأخيرة بمنطقة الساحل السوري، والتي أسفرت عن مقتل مدنيين. من جانبه، أوضح رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع أن المسؤولين عن هذه الأحداث سيخضعون للمحاسبة.
وفيما تخفي بعض الجماعات هويات أعضائها الأتراك، تبرز أخرى مثل "العلم والجهاد"، التي يقودها موسى أولغاتش، المعروف بخطاباته الدينية المثيرة للجدل. كما يُشار إلى وجود أتراك ضمن تنظيمات كبرى كداعش، حيث قُتل بعضهم أو اعتُقلوا، بينما عاد آخرون إلى تركيا، حيث يواجهون إجراءات قضائية مشددة.
وحول الإطار القانوني، بيّن المحامي أونور غولر أن ملفات المقاتلين العائدين تركّز على انتمائهم السابق لتنظيم القاعدة، حتى لو انضموا لاحقاً لهيئة تحرير الشام، مؤكداً أن شطب الهيئة من قوائم الإرهاب لن يُغيّر إجراءات ملاحقتهم.
يُذكر أن تركيا أدرجت العشرات من مواطنيها على قوائم المطلوبين بتهم تتعلق بالإرهاب، بينما تشير تقارير إلى صعوبة ضمان منع هجمات محتملة من قبل مقاتلين أجانب، رغم تأكيدات الهيئة بعدم استخدام الأراضي السورية ضد دول أخرى.
وفي ختام حديثه، أشار التميمي إلى تحوّل موقف هيئة تحرير الشام تجاه تركيا، التي باتت تراها "حليفاً استراتيجياً"، في إشارة إلى تعقيدات قد تطبع مستقبل العلاقة بين أنقرة وهؤلاء المقاتلين.