انتصارات زائفة على أنقاض حكم الأسد

  • A+
  • A-

 نبض سوريا -خاص 

في مشهدٍ يعكس استمرارًا مريبًا لسياسات النظام السابق، تعيد السلطات الانتقالية السورية إنتاج سرديات انتصارات وهمية، تُعلن عنها عبر اتفاقيات تجارية لا تعدو كونها استنساخًا لعهد الفساد والتبعية. فالاتفاق المُجدد مع شركة "CMA CGM" الفرنسية لاستغلال ميناء اللاذقية ليس سوى حلقة في سلسلة طويلة من التعاقدات التي تُدار بعيدًا عن مصالح السوريين، وتُكرس هيمنة كيانات خارجية على مقدرات البلاد.  


ما يُفاقم السخرية في هذه السردية هو إصرار السلطات على تصوير الاتفاق كـ"إنجاز استثنائي"، رغم أنه مجرد تجديد لعلاقاتٍ اقتصادية قديمة، بُنيت في عهد النظام السابق، ورسختها شراكاتٌ مع شخصياتٍ ارتبطت بفساده. 


فالحقيقة التي يُخفيها الخطاب الرسمي هي أن الشركة الفرنسية، ككيان خاص، واصلت عملها في سوريا دون انقطاع، حتى في أحلك لحظات الأزمة، مما يُظهر أن "الانتصار" المُعلن ليس سوى مسرحية لإسكات الأزمات المتفاقمة.  


التفاصيل تكشف مزيدًا من المرارة: فالاتفاق يضمن أرباحًا خيالية للشركة الأجنبية، بينما تدفع سوريا ثمنًا يُقاس بابتزاز مواردها وحرمان شعبها من عوائدها الحقيقية. 


فحسب مصادر مُطّلعة، تُدار الصفقة بعقود احتكارية طويلة الأمد، تُحوّل الثروات السورية إلى جيوبٍ خارجية، في وقتٍ يعاني السوريون من فقرٍ مدقع وانقساماتٍ تهدد نسيجهم المجتمعي.  


الإعلام الرسمي، بدوره، يُحوّل هذه الصفقات إلى أدواتٍ لتلميع صورة السلطات، عبر خطابٍ يبالغ في تضخيمها، ويُحاول تحويل الأنظار عن انتهاكاتٍ جسيمة، كتلك التي شهدتها صحنايا وغيرها. أما المنظمات الحقوقية فتُشير إلى أن هذه المسرحية لا تُخفف معاناة المواطنين، بل تُعمّق أزماتهم عبر إهدار الثروات وترسيخ المحاصصة.  


في النهاية، يبقى السؤال: إلى متى ستُستغل جثث السوريين وقودًا لانتشال "انتصارات" وهمية؟ فالشعب الذي أنهكته الحرب يحتاج إلى اتفاقيات تُعيد بناء حياته، لا صفقات تُديم انتهاك كرامته وتُهدر ما تبقى من أمل.  

نور محمد