نبض سوريا - خاص
خلال عقدين من حكم بشار الأسد، ظلت سوريا – بجدلية شرعيته وعلاقاته – كيانًا تحكمه قوانين دولية، معترفًا بحدوده ومؤسساته رغم كل التحديات.
لم تمنع المنظومة الدولية النظام السوري من خوض حروب بالوكالة، عبر صواريخ تُطلق من حلفائه في غزة وجنوب لبنان نحو إسرائيل، والتي ردت بدورها بغارات جوية واغتيالات ممنهجة، وصلت ذروتها بالضربات الثلاثية (أمريكا وفرنسا وبريطانيا) عام 2018. المفارقة أن دمشق، رغم كل هذه الحرب الباردة، لم تُستهدف مباشرةً في مقرات سلطتها، كما يحدث اليوم.
السيناريو اختلف جذريًا بعد تحول سوريا إلى ركام من الفصائل، حيث لم تعد "دولة" بالمعنى الكلاسيكي، بل فضاءً مفتوحًا للميليشيات المحلية والقوى الخارجية.
حتى أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام، الذي حاول تهدئة إسرائيل عبر تصريحات مطمئنة وتنازلات ميدانية، فشل في كسب ثقتها. فالكيان الإسرائيلي يرى في الفوضى السورية تهديدًا وجوديًّا، خاصة مع تحولها إلى ساحة لتصفية الحسابات مع الاقليات
اليوم، بتوجيه ضربات في فضاء القصر الرئاسي، ترسل إسرائيل رسالةً واضحةً: " أن الفرق بين النظام السوري وفصائل الجولاني في نظرنا هو فصائل النظام كانت خارجية ويمكن إخراجها بالضغط على الأسد أم اليوم فالفصائل هي من تحكم وتفعل ؛ والجولاني عاجز عن فرض الأمن". الرسالة موجهة للجولاني وحده: "أي تهديد سيُقابل بالحديد والنار، حتى لو كلفنا ذلك تدمير ما تبقى من سوريا".
لكن هذه العقيدة الأمنية للشرع، تزيد الوضع تعقيدًا؛ فالفصائل تتكاثر كالفطر، والأقليات يدفعون الثمن، والحل السياسي يغيب في ظل غياب إرادة دولية لبناء دولة تُجمع عليها السوريون.
نور محمد