نبض سوريا - متابعة
أصدر المصرف المركزي السوري قرارات متخبطة ميّزت بين المودعين الجدد والقدامى، ما عمّق فقدان الثقة وأثار الغضب الشعبي في ظل استمرار حجز السيولة دون مبرر.
و أصدر المصرف المركزي مؤخراً قراراً يُلزم المصارف بتمكين جميع المتعاملين، من أصحاب الحسابات الجارية الممولة نقداً، وحسابات الودائع لأجل بجميع العملات، والمودعة بعد تاريخ 7 أيار 2025، من السحب من هذه الحسابات دون سقف محدد، وبحسب رغبتهم، وفي أي وقت، مهما بلغ المبلغ المطلوب.
رأى مراقبون أن القرار يعكس تخلياً واضحاً عن أصحاب الحسابات القديمة، ويكرّس ازدواجية صارخة في المعايير، إذ يُمنح المتعاملون الجدد امتيازات يُحرم منها القدامى الذين لا يزالون عاجزين عن سحب ليرة واحدة من أرصدتهم.
تساءل العديد من المودعين القدامى ساخرين عمّا إذا كانوا "أبناء البطة السوداء" في حين يُعامل الجدد كـ"أبناء البطة البيضاء"، وإلا فما الذي يُبرر حرمانهم من أموالهم ومدّخراتهم وتعبهم لسنوات؟
وعلّقت الوزيرة السابقة، الدكتورة لمياء العاصي، على قرار المصرف عبر حسابها على "فيسبوك" قائلة:
"قرارات غير مفهومة.. فتح سقف السحب النقدي للأرصدة الجديدة، أي كل ما أُودع بعد 7/5/2025، لا يعزز الثقة بالنظام المصرفي السوري".
وأضافت: "أقلّ ما يمكن أن يشعر به المودعون أن هذا القرار تعسفي وغير مبرَّر. ما ينتظره الجميع هو فتح باب السحب النقدي بشكل تدريجي وشامل لكل المودعين، لأن المال يحمل القيمة نفسها، سواء أكان الإيداع قديماً أم حديثاً".
يتساءل المواطنون إلى أين ستصل سياسة المصرف المركزي بعد هذه الخطوة المثيرة للجدل، حيث تبددت آمالهم بأي تحسن قريب، في ظل استمرار احتجاز أموالهم ضمن أقبية المصرف، بينما يُفرج عنها لفئة دون أخرى.
وتشير المعطيات، إلى أنه لم ينجح المصرف المركزي، لا في عهد النظام البعثي ولا اليوم، في بناء أي علاقة ثقة حقيقية مع المتعاملين. واليوم، يبدو أنه قد خسر هذه الثقة تماماً، بل وبشكل مضاعف بعد التدهور الاقتصادي العام وسقوط النظام المالي القائم على الاستقرار.
بالتالي، لم تعد المصارف السورية في مأمن، وقد يشهد القطاع المصرفي مزيداً من التراجع في الأداء، في ظل غياب الشفافية، وغياب أي تبريرات أو توضيحات لهذا الكابوس الطويل من فقدان السيولة والثقة معاً.