شرعيات متعثرة وتحالفات هشّة
إقليم كردستان العراق تجربة بعيدة المنال في الشرق السوري

  • A+
  • A-

 نبض سوريا - خاص 

في ظلّ التحرّكات الدولية لرفع العقوبات عن سوريا مؤقتا ، تبرز مقارنات بين إمكانيات استثمار الطاقة في مناطق "قسد" الكردية، وتجربة كردستان العراق النفطية، إلا أن التعقيدات القانونية والجيوسياسية ترسم حدودًا واضحةً بين الحالتين.


 فبينما تمكّن الإقليم العراقي من توظيف غطاء دستوري ودولي لبناء شراكات نفطية مع شركات كبرى مثل "إكسون موبيل"، تظل المناطق الكردية السورية أسيرة لغياب الاعتراف القانوني ولو أجبرت حكومة الشرع على الاعتراف من قبل الأمريكي ، ما يجعل أي استثمارات محتملة فيها مغامرة ذات عواقب غير مضمونة.  


على صعيد البنى التحتية، تشير الفجوة الواسعة بين الجانبين إلى تحدّيات إضافية؛ فكردستان العراق تمتلك شبكة أنابيب وموانئ تصدير متطورة، بينما تعاني حقول دير الزور والرقة السورية من دمارٍ بنسبة 70%، مع انعدام منافذ التصدير الشرعية إلا عبر طرق التهريب. وبينما تستفيد الشركات الدولية من استقرار نسبي في الإقليم العراقي منذ 2008، تُحذر تقارير من أن إعادة تأهيل البنية النفطية السورية قد تتطلب مليارات الدولارات، مع مخاطر أمنية تعقّد الجدوى الاقتصادية.  


لا تقف التحديات عند الجانب الفني، بل تمتد إلى أزمات جيوسياسية متشعّبة. ففي الوقت الذي تحظى فيه كردستان العراق بدعم أمريكي وتحالف استراتيجي مع تركيا رغم التوترات، تواجه "قسد" تهديدات عسكرية مباشرة من أنقرة التي تعتبرها امتدادًا لـ"حزب العمال الكردستاني". كما تتردّد واشنطن في تقديم ضمانات كافية للشركات خوفًا من تصعيد الخلافات مع حلفائها، في حين تلوح في الأفق رغبة فرنسية بالسيطرة على الحقول السورية عبر شركات تابعة لها، مما قد يدفع الأكراد إلى مزيد من الاعتماد على التفاهمات السرية.  


عالميًّا، تُظهر المقارنة الاقتصادية تفوّقًا واضحًا لكردستان العراق باحتياطات تُقدّر بـ45 مليار برميل، مقابل 2.5 مليار فقط في المناطق الكردية السورية، ما يضعف حماس المستثمرين لمغامرة محفوفة بالمخاطر. وبينما تُطرح سيناريوهات محدودة لتمويل "قسد" عبر استثمارات غير مباشرة، يبقى حلم تكرار النموذج العراقي في سوريا بعيدًا بسبب تشابك المصالح الدولية ورفض تركيا تشكيل كيان مشابه لأقليم كردستان على حدودها.  


هكذا، تُختزل المعادلة في سوريا بثروة نفطية حبيسة شرعيات مُتعثّرة، وصراعات إقليمية لا تترك للاستثمار إلا مساحات ضيقة، تُدار عبر أوراق سياسية هشّة، تُذكّر بأن النفط هنا ليس مجرد سلعة، بل ورقةٌ في لعبة أكبر.