خطاب أحمد الشرع: رئيسٌ بلا خصوم… وكلمات بلا أعداء

  • A+
  • A-

 نبض سوريا - عمر حمد  

 

في كلمة بدا فيها الحرص على تفادي الاصطدام أكثر من الحرص على قول الحقيقة، خرج "رئيس المرحلة الانتقالية" أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني ) بتصريحات لم تتجاوز حدود العموميات، ولم ترقَ إلى مستوى اللحظة السورية المشتعلة.

 

قال الشرع إن "الكيان الإسرائيلي يسعى إلى تحويل أرضنا إلى ساحة فوضى"، لكن دون أن يجرؤ على تسميته "عدوًا" كما اعتادت اللغة السياسية السورية منذ الاستقلال. فهل أصبحت إسرائيل طرفًا لا يجوز نعته؟ أم أن هذه المرحلة الانتقالية لا تحتمل الصراحة؟

 

غابت إسرائيل… وحضرت الفوضى

 

في الوقت الذي تتعرض فيه مؤسسات سورية لهجمات إسرائيلية معلنة ومتكررة، لم يتضمّن خطاب الشرع أي استنكار أو إدانة لهذا العدوان، بل اكتفى بإشارة باهتة إلى "الفوضى"، وكأن ما يحصل بفعل قوى مجهولة. لم نسمع كلمة عن قصف المطارات، أو قتل قادة كتائبه، أو استهداف النراكز العسكرية ، وكأن السيادة أصبحت تفصيلًا غير مهم في هذه المرحلة.

 

"استعداد للقتال" بلا جبهات

 

الشرع شدد على أن "الشعب السوري على أهبة الاستعداد للقتال من أجل كرامته". لكن عن أي قتال يتحدث؟ ومن هو العدو؟ وأين الجبهات المفتوحة؟ الكلام الحماسي الذي لا يرتبط بخطة أو رؤية أو حتى توصيف حقيقي للعدو، يتحوّل إلى مجرد استهلاك إعلامي لا يعوّل عليه.

 

محاسبة من؟ ومتى؟

 

أما وعده بمحاسبة من أساء إلى أهلنا الدروز، فهو تصريح فضفاض لا يُبنى عليه شيء. من هم المسيئون؟ هل هم عناصر هيئة تحرير الشام الذين اقتحموا السويداء؟ أم الفصائل الأجنبية   المدعومة من دول إقليمية؟ أم من فرضوا دخول السويداء بالقوة؟ لا إجابة. وكأن الهدف من التصريح هو تهدئة الشارع لا أكثر، دون نية حقيقية للإنصاف أو المحاسبة.

 

التقسيم؟ من يرفضه حقًا؟

 

قال الشرع إن السوريين "رفضوا تاريخيًا كل أشكال التقسيم"، وهذا صحيح من حيث المبدأ. لكن ماذا عن الواقع اليوم؟ أليست هناك مناطق خارجة عن السيادة؟ أليس شرق الفرات بيد الأمريكان؟ والشمال الغربي بيد الاتراك وقواعد روسية في الساحل ؟ أليست الفدرلة تفرض نفسها ميدانيًا؟ الحديث عن وحدة سوريا جميل، لكنه لا يعني شيئًا ما لم يُقرن برؤية واضحة لطرد الاحتلالات وإعادة الدولة

خلاصة: رئيس المرحلة الانتقالية… بلا خصوم

 

أحمد الشرع يبدو، حتى الآن، رئيسًا بلا خصوم. لا يسمي المعتدين، لا يصطدم مع مشاريع التقسيم، ولا يدين إسرائيل صراحة. وكأن المطلوب منه ليس قيادة مرحلة انتقالية نحو السيادة، بل مرحلة انتقالية نحو التطبيع والتهدئة تحت الوصاية.

 

السوريون الذين دفعوا أثمانًا باهظة من دمهم وكرامتهم لن يرضوا بخطاب رمادي يعجز حتى عن تسمية العدو. فمن لا يجرؤ على قول الحقيقة، لا يمكنه أن يقود مشروعًا وطنيًا جامعًا.