الاجتماع الثلاثي: بداية النهاية أم نهاية البداية؟

  • A+
  • A-

 نبض سوريا - متابعة

في يومٍ مشحونٍ بالتطورات السياسية والعسكرية، عُقد اجتماعٌ ثلاثي بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مجلس سوريا الديمقراطية (مسد)، والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، في خطوةٍ وُصفت بأنها تمهيدٌ لتعزيز التعاون مع دمشق. غير أن ما يبدو كتحركٍ دبلوماسي تقليدي قد يخفي تحولاتٍ جوهرية في المشهد السوري، قد تعيد رسم خرائط النفوذ في المنطقة.


بين التوافق القسري والانقسام المحتمل

خلص الاجتماع إلى اتفاقاتٍ تتعلق بإدماج "قسد" والمؤسسات الأمنية التابعة للإدارة الذاتية ضمن هيكلية الجيش السوري. هذه الخطوة، التي قد تُفسَّر كتعزيزٍ للوحدة الوطنية، تطرح تساؤلاتٍ جوهرية: هل هي مناورةٌ تهدف إلى ترويض "قسد" وإضعاف استقلاليتها تدريجيًا؟ أم أنها مقدمةٌ لإعادة فرض السيطرة المركزية لدمشق على المناطق الشمالية والشرقية؟


انسحاب المقاتلين غير السوريين: إعادة تموضع أم إملاء سياسي؟

الاتفاق على انسحاب المقاتلين الأجانب من صفوف "قسد" ومنطقة شمال وشرق سوريا يثير الشكوك حول دوافعه الحقيقية. هل هو إجراءٌ لضبط التركيبة العسكرية لقسد، أم أنه جزءٌ من تفاهمات أوسع مع دمشق وموسكو، قد تكون على حساب نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة؟


التنسيق مع دمشق

الدعوة إلى تكثيف التنسيق بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية قد تعكس رغبةً في توحيد الجهود لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية. لكن في ظل تعقيدات المشهد السوري، قد يكون هذا التنسيق أداةً لإعادة دمج "قسد" ضمن المنظومة الرسمية للدولة السورية، أو مجرد خطوةٍ رمزية لامتصاص الضغوط الإقليمية والدولية.


الحوار الدولي

إعلان التحالف الدولي دعمه للحوار بين الحكومة السورية و"قسد" يُلقي بظلالٍ من الشك حول نواياه الفعلية. هل يسعى التحالف حقًا إلى تحقيق استقرارٍ مستدام؟ أم أنه يناور للحفاظ على نفوذه، مستخدمًا ملف الحوار كورقةٍ لإعادة ضبط تموضعه في المشهد السوري دون الانسحاب الكامل؟


موسكو ودمشق: رقعة شطرنجٍ أم تحالفٌ استراتيجي؟

في موسكو، التقى السفير السوري بشار الجعفري بنائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، ما يفتح باب التساؤل حول الدور الروسي المتجدد في سوريا. هل تسعى موسكو إلى فرض تسويةٍ سياسيةٍ تحفظ مصالحها؟ أم أنها تناور لاستخدام الورقة السورية في لعبة النفوذ مع الغرب، خصوصًا في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة؟


برقية الحريري للشرع: مصافحة بروتوكولية أم خطوة في رقعة النفوذ؟

في خضمّ التحولات السياسية الإقليمية، جاءت برقية التهنئة التي أرسلها رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري إلى الرئيس السوري أحمد الشرع كحدثٍ مثيرٍ للجدل. فالعلاقات بين الحريري ودمشق لم تكن يومًا مستقرة، بل كانت تتأرجح بين العداء السياسي والمناورات الدبلوماسية، ما يجعل هذه التهنئة تطرح أسئلة جوهرية: هل تمثل تغييرًا في المسار السياسي أم أنها مجرد خطوة رمزية؟

داخليًا، يعاني الحريري من تراجع نفوذه في المشهد السياسي، خاصة بعد صعود قوى جديدة وإعادة تموضع "حزب الله" في موازين القوى. ومن هنا، قد تكون التهنئة خطوةً تهدف إلى تهدئة التوترات مع الجهات المتحالفة مع دمشق في لبنان، خصوصًا أن أي صدامٍ مباشر مع النظام السوري وحلفائه قد يزيد من عزلته السياسية.


لبنان، بطبيعته، يتأثر بشكلٍ مباشرٍ بالمناخات الإقليمية. ومع إعادة بعض الدول العربية فتح قنوات التواصل مع الأسد، قد يكون الحريري يسعى إلى عدم الوقوف في وجه هذا التيار، خاصة إذا كان ذلك سيفتح له مجالًا لاستعادة دوره الإقليمي، خصوصًا في ظل الغموض حول مستقبله السياسي.

الاجتماع الثلاثي، وما رافقه من تطورات، يعكس مشهدًا معقدًا تتداخل فيه المصالح الإقليمية والدولية. هل هو بدايةٌ لنهاية مرحلة من الصراعات الداخلية، أم أنه مجرد تغييرٍ في أدوات المواجهة؟