نبض سوريا - خاص
انطلقت صباح اليوم جلسات "مؤتمر الحوار الوطني" في قصر الشعب بدمشق، برئاسة أحمد الشرع، الرئيس المؤقت، وسط إجراءات أمنية وإعلامية مُشدَّدة أثارت تساؤلات حول أسباب التكتم على تفاصيل النقاشات، وحصر التغطية الإعلامية بوسائل محددةمع غياب للتلفزيون الحكومي الذي لم ينطلق بعد، في وقتٍ يُناقش ملفات يُفترض أن تمس مستقبل السوريين مباشرة.
وخُصص اليوم الأول للمؤتمر — الذي يُقام على مدى 5 ساعات عمل فقط — للكلمة الافتتاحية للرئيس الشرع، تلاها بدء جلسات الحوار. لكن ما لفت الانتباه هو منع المشاركين من حمل الهواتف المحمولة داخل القاعة، بحجة "الحفاظ على سرية المناقشات وضمان تركيز الحضور"، وفق ما نقل موقع تلفزيون "سوريا" عن مصادر غير مُسمَّاة.
كما أُغلقت الأبواب أمام عدد من الوسائل الإعلامية، مثل صحيفة "العربي الجديد"، التي كشف مسؤول الشأن السوري فيها، عبسي سميسم، عبر منشور على "فيسبوك"، عن استبعاد الصحيفة من قائمة المدعوين لتغطية الحدث، رغم توجُّه مراسلها إلى الموقع، حيث قيل له إن "الأماكن محدودة ومحصورة بالمدعوين مسبقًا".
تعرض المؤتمر لانتقادات حادة منذ الإعلان عن انعقاده، لا سيما مع تقليص مدته إلى يوم واحد فقط، ما يطرح شكوكًا حول جدوى مخرجات جلسات سريعة في معالجة قضايا معقدة.
كما عبّر نشطاء ومتابعون عن استغرابهم من إحاطة الجلسات بسياج من السرية، رغم تسمية المؤتمر بـ"الحوار الوطني"، الذي يفترض أن يكون منصة للتعبير عن آراء مختلف الأطراف. وتساءلوا: "إذا كان المشاركون يمثلون الشعب السوري، فلماذا يُحجب عن المواطنين ما يُناقش باسمهم؟".
فيما برر القائمون على المؤتمر منع الهواتف بضرورة "السرية والتركيز"، لم تُقدم أي تفسيرات واضحة لاستثناء وسائل إعلامية معينة، أو حصر التغطية بوسائل موالية.
وأشار مراقبون إلى أن هذه الخطوة تتعارض مع مبدأ الشفافية الذي يُفترض أن يرافق أي حوار وطني، خاصة في ظل الأزمات المتشعبة التي تعيشها سوريا.
لم تُكشف تفاصيل حول طبيعة القضايا المطروحة في الجلسات، ولا هوية المشاركين أو آلية اختيارهم، ما يزيد من تشكيك البعض في نوايا المؤتمر ومصداقيته.
وفيما تؤكد الحكومة السورية أن المؤتمر يهدف إلى "تعزيز الوحدة الوطنية"، يرى معارضون أنه إجراء شكلي يفتقر إلى تمثيل حقيقي للتنوع السوري، ولا يُعالج الجذور العميقة للأزمة.
يأتي هذا التكتم الإعلامي في وقتٍ تواجه فيه الإدارة الجديدة اتهامات دولية ومحلية مستمرة بتقييد الحريات، بما في ذلك حرية الصحافة، ما يدفع إلى تساؤلات حول مدى التزامه بخطاب "الحوار" الذي يُروج له، وسط مشهد إعلامي يُوصف بالمسيطر عليه حكوميًّا.
يبقى السؤال الأبرز: هل يُمكن لمؤتمر يُحيط نفسه بالسرية، ويُقصي جزءًا من الإعلام، أن يُنتج حلولًا تعكس تطلعات السوريين؟ أم أن الإجراءات المشددة تؤكد فجوة بين الخطاب الرسمي وممارسات تُعمق أزمة الثقة؟ الجواب قد تحمله الأيام المقبلة، لكن المشهد الحالي يعيد إنتاج التساؤلات نفسها حول أولويات حكومة الشرع في إدارة الملف السياسي.