نبض سوريا - خاص
في ظل تصريحات حكومية تنكر تفاقم الأزمة، يعيش السوريون واقعا مريرا مع نقص حاد في الأدوية الأساسية، وارتفاع أسعارها بنسب تضاعف معاناة المرضى، خاصة أصحاب الأمراض المزمنة كالسكري والسرطان، فيما تحاول السلطات تقديم صورة مغايرة لواقع تتهاوى فيه المنظومة الصحية.
رغم تأكيد الدكتور إبراهيم الحساني، المسؤول عن الرقابة الدوائية في وزارة الصحة، في تصريح تلفزيوني أن "الأدوية الأساسية متوفرة"، إلا أن جولة في الصيدليات تكشف عكس ذلك. فغياب أدوية الغدة الدرقية، والأنسولين، ومسكنات الألم القوية، بات "طقسا يوميا" يجبر المرضى على البحث عن بدائل غير مضمونة، أو اللجوء إلى السوق السوداء حيث تباع الأدوية بأسعار خيالية.
"الوزارة تتحدث عن 100 معمل عامِل، لكن أين الأدوية؟"، يسأل صيدلاني من دمشق فضل عدم الكشف عن اسمه، مضيفا: "حتى أدوية الأطفال البسيطة مثل خافض الحرارة نادرا ما نجدها. المرضى يتركون الصيدلية دامعين".
ليست النواقص وحدها ما يرهق السوريين، بل تضاعف أسعار الأدوية بنسبة 200% خلال عام واحد، وفقا لجمعية حماية المستهلك المحلية. واللافت أن هذا الارتفاع لم يتوقف حتى بعد انخفاض سعر الدولار في السوق الموازية، حيث تبرر الشركات المصنعة رفضها خفض الأسعار بارتباط تكاليف الإنتاج بسعر الصرف الرسمي القديم (10,000 ليرة للدولار)، رغم أن السعر الرسمي الحالي أصبح 13,200 ليرة!
"الموزعون يلقون باللوم على الحكومة المؤقتة التي لم تستطع إلى اليوم من تحقيق أي فائدة وزادت الطين بلة بتحويل المشافي السورية إلى بهو فارغ ،نُقلت معداته وأجهزته إلى إدلب، بينما المريض هو من يدفع الثمن"،
رغم ذلك، تصر الحكومة المؤقتة على اختزال الأزمة في "نقص بعض الأصناف"، متجاهلة تقارير دولية تحذر من تفشي أمراض كالكوليرا بسبب تلوث المياه، وانهيار برامج التلقيح، ما يهدد بكارثة إنسانية جديدة.
أثارت تصريحات رسمية عن "تحسن كبير في القطاع الدوائي" بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر الماضي، سخرية واسعة على منصات التواصل. فالسوريون مايرونه عالى أرض الوقائع من اقصاء الاطباء والمرضى،إضافة إلى خلو المشافي من المعدات البسيطة وتكليف المريض بشراءها.
في الوقت الذي تراوح فيه الحلول بين تعهدات حكومية غير مجدية، وتدخلات دولية محدودة التأثير، يبقى السوريون رهينة أزمات متشابكة تفاقمها سياسة التعتيم الإعلامي، وتنامي الفساد في دوائر تقديم الخدمات الصحية، ما يعيد إنتاج المعاناة يوميا تحت شعار: "الدواء للأسعد حظا!".