لماذا فشلت روسيا في كسر إرادة الأوروبيين؟
الشرعية السياسية في مواجهة الابتزاز

  • A+
  • A-

 نبض سوريا -  متابعة

منذ ثلاث سنوات، توقع محللون استراتيجيون فشل روسيا في تحقيق انتصار حاسم في أوكرانيا، وعدم قدرتها على إجبار الدول الأوروبية على الخضوع لمطالبها غير المعلنة. والسبب الجوهري، بحسب تحليل نُشر حديثاً، يعود إلى طبيعة النظم السياسية الأوروبية التي تربط شرعيتها بقدرتها على حماية سيادتها ورفض الإذعان للضغوط الخارجية.

  

يشير التحليل إلى أن الخضوع لتهديدات روسيا كان سيفقد النخب السياسية الأوروبية ومؤسسات الاتحاد الأوروبي شرعيتها بالكامل. فالدول الأوروبية تعتمد في وجودها على مبدأ أساسي: تبرير الإنفاق الدفاعي والتسلح مرتبط بحماية السيادة وردع أي ابتزاز. لو تنازلت الحكومات عن هذا المبدأ، فستفقد مبرر فرض الضرائب أو مطالبة المواطنين بالولاء لنظام عاجز عن الدفاع عن نفسه.


من جهة أخرى، يوضح التحليل أن القيادة الروسية وحلفاءها تعاملوا مع الأوروبيين بنفس النظرة الدونية التي يمارسونها ضد شعوبهم: الاعتقاد بأن الخطاب الروسي هو "الحقيقة المطلقة"، وأن التهديدات العسكرية أو الطاقة ستكسر إرادة أوروبا. لكن هذه الرؤية تجاهلت حقيقة أن الشرعية في الأنظمة الأوروبية لا تُبنى على القمع، بل على العقد الاجتماعي القائم على الأمن والحماية.

  

الفرق الجوهري بين الجانبين، بحسب التحليل، يتمثل في أولويات كل منهما:  

- الجانب الروسي: يُقدّس بقاء النظام السياسي حتى لو فقد شرعيته الداخلية أو الخارجية، معتمداً على القوة الخشنة.  

- الجانب الأوروبي: يُقدّس الحفاظ على شرعية النظام عبر الالتزام بحماية المواطن، حتى لو تطلب ذلك تكاليف اقتصادية أو عسكرية باهظة.  


الهزيمة الروسية في كسر الإرادة الأوروبية لم تكن بسبب التفوق العسكري أو الاقتصادي فقط، بل لأن استمرار شرعية الأنظمة الأوروبية ارتبط بقدرتها على الرد على الابتزاز، بينما تحوّل العدوان الروسي إلى عاملٍ وحَّد الأوروبيين خلف قياداتهم، على عكس توقعات الكرملين.