نبض سوريا - متابعة
تداولت وسائل إعلام عديدة وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي نسخة مسربة من الإعلان الدستوري المؤقت، تتضمن 43 مادة، وتخلو من نصوص 5 مواد.
المستشار السابق في هيئة التفاوض السورية، عيسى إبراهيم، قال إن "هذه المسودة تمنح رئيس الدولة صلاحيات واسعة، وتجعله رأس السلطة التنفيذية، مع إلغاء مبدأ فصل السلطات، كما تمنحه سلطة تحديد السياسة العامة للدولة، ما يعني غياب دور فعلي لمنصب رئيس الوزراء".
وأفاد إبراهيم، في لقاء تابعته وكالة "نبض سوريا"، إن المسودة الحالية لا تختلف كثيراً عن الدساتير السابقة، كما أنها تركز على نقاط شكلية مثل تحديد دين رئيس الدولة، لكنها في الوقت ذاته "تفرّغ مبدأ فصل السلطات من مضمونه، عبر توسيع سلطات السلطة التنفيذية".
مضيفا أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت المسودة المتداولة في الإعلام هي الإعلان الدستوري المقصود، أم سيناقش إعلان آخر لاحقاً.
وبين المستشار السابق في هيئة التفاوض السورية أن رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع غير منتخب، مما شكّل عبئاً إضافياً على الإعلان الدستوري، إذ لا يمكن وفقاً لذلك القبول بأن يقوم شخص غير منتخب بتعيين مجلس الشعب"، ويتحمل مسؤولية ذلك النظام السابق لأن إصراره على عدم تشكيل هيئة الحكم الانتقالي وضعنا أمام مشكلة موضوعية، حيث تولّى الشرع الحكم دون وجود آلية دستورية، ما استلزم إصدار إعلان دستوري.
وأشار إبراهيم إلى أن المسودة تتضمن تناقضات واضحة، أبرزها ما يتعلق بتحديد دين رئيس الدولة، مشيراً إلى أن المادة الثانية تنص على أن "دين رئيس الدولة هو الإسلام، رغم عدم الحاجة إلى هذا النص، نظراً لأن المسلمين هم الأكثرية في سوريا. وبالتالي، لا ضرورة للتأكيد على ذلك".
لكن هذه المادة تتناقض مع مادة تالية التي تنص على أن "المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات"، متسائلاً: "يمكن أن يكون الجميع متساوين في الحقوق والواجبات، بينما يتم حصر منصب الرئاسة بالمسلمين فقط؟".
كما لفت إلى إشكالية أخرى تتعلق بحرية الاعتقاد، موضحاً: "هناك نص ينصّ على احترام الدولة لحرية الاعتقاد، لكنه يتبع بعبارة بما لا يخالف النظام العام"، وهذا المفهوم "واسع وفضفاض، مما يجعله أداة محتملة لقمع الحريات الدينية"، وفق إبراهيم.
وحول آلية تعيين مجلس الشعب، قال إبراهيم: "إذا لم يكن الشعب هو من ينتخب الرئيس أو مجلس الشعب، فهذا يعني أننا أمام رئيس تم التوافق عليه دولياً، وهو ذاته من يعيّن مجلسه الخاص".
كما أشار إلى أن التفاهمات السياسية المطروحة لا تنعكس في المسودة الدستورية الحالية، معتبراً أنها مجرد توافقات بين الأطراف دون أثر دستوري فعلي".
ورأى أن "المسودة الحالية، في مجملها، تشبه الدساتير السورية السابقة، من حيث التركيز على بعض النقاط الشكلية، مثل تحديد دين رئيس الدولة، وفي الوقت ذاته، تفرّغ مبدأ فصل السلطات من مضمونه، عبر توسيع سلطات السلطة التنفيذية".
بشأن المرحلة الانتقالية، أوضح أن صياغتها فضفاضة، قائلاً: "يمكن أن تمتد لعامين، أو لأربعة أعوام، بل ويمكن تمديدها بشكل غير مباشر، من خلال تحكّم رأس السلطة التنفيذية بالبرلمان."
وفي ختام حديثه، شدد إبراهيم على ضرورة الانتقال إلى نموذج حكم لامركزي، معرباً عن اعتقاده في أن "النظام المركزي في سوريا يُستخدم كذريعة لخدمة الحاكم الفرد، وليس لخدمة الدولة".
وبيّن أن سوريا "تحتاج إلى نمط لا مركزي في الإدارة، حيث يحقق هذا النموذج جميع فوائد المركزية، ويجنب البلاد مساوئها، بما يضمن تنمية متوازنة للمناطق، بعيداً عن سيطرة رأس الدولة على مقدّرات البلاد تحت شعار المركزية".