نبض سوريا -متابعة
أكد الكاتب أحمد طعمة أن أحداث الساحل السوري، التي شهدتها البلاد في آذار الماضي، كشفت عن إرادة صلبة للشعب السوري، تفوق قوة سلطته الحالية، وتُبرز وعياً عميقاً بتحديّات المرحلة الراهنة.
وأوضح أن الانتفاضة العفوية للشعب أثبتت قدرته على دعم سلطةٍ ضعيفة، والدفاع عن مشروع التحرر من إرث الفساد والاستبداد، ومواجهة بقايا نظامٍ دمّر البلاد لعقود، مشيراً إلى أن صمود المجتمع السوري طوال 14 عاماً أمام ما وصفه بـ"نظام الأبد والإبادة المنهار" يؤكد أنه قوة فاعلة وليس مجرد ضحية.
وحذّر طعمة من تجاهل السلطة الانتقالية لهذه الحقيقة، وتساءل عمّا إذا كانت أدركت حجم الإرادة الشعبية أو وضعت حسابات تتناسب مع الأزمات التي تستدعي التكاتف الوطني. وبين أن النظام السابق قضى خمسة عقود في تقويض البنية المجتمعية، عبر تحويل الأفراد إلى أدواتٍ تابعة للسلطة، وتعطيل المؤسسات المدنية، ومصادرة دور النخب الفكرية إلا في إطار التمجيد الأعمى، ما أفقر سوريا سياسياً وثقافياً وعمّق أزمات الحرية والعدالة.
وأشار إلى أن السلطة الحالية تتصرّف بثقةٍ مفرطة، وكأن الشعب لا يزال كياناً مهشماً كما في عهد النظام السابق، متوهّمةً إمكانية السيطرة عليه دون خوفٍ من ردود الفعل، في حين أن المجتمع تجاوز قيود الماضي واكتسب قوةً ذاتية تجعل قهره مستحيلاً. وانتقد الكاتب إصدار إعلانٍ دستوري يمنح رئيس المرحلة الانتقالية صلاحياتٍ مطلقة، معتبراً أنه تجاهل الفئات الثورية التي ساهمت في إسقاط النظام، وأهمل طموحات المكونات المجتمعية المتنوعة، مسلوباً إحدى أهم مكاسب الثورة؛ الحرية السياسية.
ولفت إلى ظاهرة "الانصراف" كمؤشرٍ مقلق، حيث عاد الثوريون من الداخل والخارج بخيبات مريرة بعد اصطدامهم بعقباتٍ أحبطت جهودهم لإعادة الإعمار، نتيجة احتكار السلطة لمسارٍ ضيّق لا يعكس التنوع السوري. وحذّر من أن استمرار تهميش هذه الفئة، القادرة على حماية الدولة، قد يُفقد السلطة دعمها في الأزمات المقبلة، ما يُضعف شرعيتها ويجعلها عاجزة كـ"الراعي في قصة الذئب".
كما استنكر قرار وزارة الخارجية رقم "53" القاضي بإنشاء أمانة للشؤون السياسية تابعة لها، واعتبره إحياءً لأساليب نظام البعث البائد في مصادرة الفضاء العام، متجاهلاً مطلب الثورة الأساسي باستعادة الحق في السياسة. وأكد أن تشكيل حكومة انتقالية تُقصي التيارات السياسية بحجة الاعتماد على التكنوقراط "المحايدين" يُنذر بأزماتٍ غير محسوبة، في ظل وجود كفاءات تمثيلية قادرة على دعم السلطة لو أُدمجت.
وفي الختام، شدد الكاتب على أن إصرار السلطة على تجاهل الشعب والقوى الثورية سيدفع نحو نضالٍ سلمي حتمي لفرض مطالب التحرر والديمقراطية، وبناء دولةٍ تتسع للجميع تحت رايات الحرية والعدالة الاجتماعية، وتُنهي حكم الفرد والعائلة لصالح التداول السلمي للسلطة.