نبض سوريا - دمشق
في مشهدٍ يلخص مفارقات المرحلة التي تعيشها سوريا بعد ما سُمي بـ"انتصار الثورة"، تتسع رقعة التوغّل الإسرائيلي في الجنوب السوري، لتشمل عملياً ثلاث محافظات: القنيطرة ودرعا والسويداء، وسط صمتٍ مريب من حكومة أحمد الشرع التي يبدو أنها سلّمت الجنوب للأمر الواقع.
فمنذ مطلع العام، كثّفت إسرائيل عملياتها داخل الأراضي السورية، ليس فقط عبر الغارات الجوية التي باتت شبه يومية، بل أيضاً عبر إنشاء نقاط مراقبة، وتسيير دوريات وتوغلات باتت شبه يومية اضافة الى حملات التفتيش لمنازل المدنيين والاعتقالات التي طالت عددا من الشبان في المنطقة
اللافت أن هذا التمدد الإسرائيلي لا يواجه حتى بتصريحات شكلية من الحكومة الانتقالية في دمشق.
فأحمد الشرع، الذي ما زال يقدّم نفسه كحامي السيادة الوطنية اكتفى بالحديث عن “ضرورة ضبط النفس وتجنّب التصعيد”، مكررا في عددا من اللقاءات ان سوريا لن تكون مصدر خطر لجيرانها وأن المرحلة الحالية هي مرحلة بناء الدولة الجديدة، ولن يسمح ان تكون سوريا منصة لمهاجمة الدول الأخرى، في حين تواصل إسرائيل تغيير المعالم الميدانية والديموغرافية في الجنوب.
مراقبون يروون أن الكيان الصهيوني استغل الانقسام الداخلي السوري، وفوضى السلطة الجديدة، ليفرض واقعاً جديداً على الأرض، يضمن له السيطرة غير المعلنة على كامل الشريط الحدودي من جبل الشيخ حتى بادية السويداء.
ويشير هؤلاء إلى أن حكومة الشرع، التي ترفع شعار “الاستقرار أولاً”، تتعامل مع التوغّل الإسرائيلي كأمرٍ ثانوي مقارنة بترسيخ نفوذها الداخلي، حتى لو جاء ذلك على حساب وحدة الأراضي السورية.
وبينما تواصل وسائل الإعلام الرسمية تجاهل ما يجري، يتساءل السوريون: هل كان هذا هو “النصر” الذي وُعدوا به؟ أم أن الجنوب السوري أصبح الثمن السياسي لصمت الحكومة، التي اختارت أن تغض الطرف عن ضم غير معلن لثلاث محافظات، كانت يوماً تعرف بأنها بوابة المقاومة؟