فصل الموظفين.. بين مطرقة العَوَز وسندان العطالة عن العمل

  • A+
  • A-

 نبض سوريا - 


بحناجر ملؤها القهر والخوف من الفقر، تتناثر صرخاتُ مئات المواطنين على امتداد الجغرافيا السورية ضد قرارات الفصل التعسفية من الوظائف، ومنح الإجازات القسرية لعاملين على رأس عملهم دون مبررات قانونية أو منطقية. يزداد الوضع تعقيدًا مع التأخير الطويل في صرف الرواتب للعاملين والمتقاعدين الذين ما زالوا يُمسكون بأوراقهم الرسمية، بينما تُركت عائلاتٌ عديدةٌ في دوامة العَوَز وفقدان أبسط مقومات الحياة.  


300 ألف موظف على قائمة الفصل

كشف وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال "محمد أبا زيد" عن وجود 900 ألف موظفٍ فقط – من أصل 1.3 مليون – يتقاضون رواتبهم بشكل منتظم ويؤدون مهام عملهم، مُستندًا إلى مراجعة أولية أجرتها الحكومة. وأضاف أن وجود 400 ألف "موظف شبح" يُشكل عبئًا على الموازنة، وأن إزالة هذه الأسماء سيوفر موارد كبيرة. من جهة أخرى، نفى موظفون محتجون صحة هذه الادعاءات، مُؤكدين التزامهم بوظائفهم منذ سنوات دون تقصير.  


الفصل قرار تعسفي وفق القانون

تتجاوز الحكومة المؤقتة – بحسب خبراء قانونيين – الأطر التشريعية السورية، إذ لا يحق لها إصدار قرارات فصل جماعية دون وجود مرجعية دستورية أو إجراءات قضائية تضمن حق الاعتراض. يُعتبر قرار الفصل مخالفًا لقانون العاملين الأساسي، خاصةً مع عدم تشكيل لجان لإعادة هيكلة الوزارات أو تقييم أداء الموظفين بدراسات موضوعية. كما يُحرم الموظفون المفصولون من حقهم في اللجوء إلى القضاء لاستعادة حقوقهم أو الطعن في القرارات.  


حكومة انتقامية أم إصلاحية؟

يرى كثير من الموظفين أن إجراءات الفصل تنطوي على دوافع انتقامية وطائفية، خاصةً تجاه من عملوا في مناطق خاضعة لسيطرة النظام السوري سابقًا، حيث تُعامَل هذه الفئات كـ"فلول" وفق منطق الانتصار الثنائي. هذا النهج – بحسب محللين – يهدد بزيادة التشرذم الاجتماعي، خصوصًا مع فصل كفاءاتٍ علمية وعملية ذات خبرات عالية، مما يفاقم الأزمات الإدارية والاقتصادية.  


مظاهرات تنتشر في كامل سوريا

اندلعت احتجاجاتٌ شعبيةٌ في مدن طرطوس والسويداء واللاذقية ودمشق، رفضًا لسياسات الإقصاء الحكومية، مطالبةً بإلغاء قرارات الفصل التي ألقت بعائلاتٍ بأكملها في براثن الفقر. تحولت الرواتبُ ( التي كانت بالكاد تكفي لشراء الخبز وتغطية النقل ) إلى أحلامٍ بعيدة المنال، بينما تُعلق القراراتُ في فضاء الغموض دون إجاباتٍ واضحةٍ أو حلول عادلة تُنهي معاناة المئات.