نبض سوريا - متابعة
نقلاً عن واشنطن بوست
في دمشق، انطلق مؤتمر الحوار الوطني كعنوان برّاق يُروّج له على أنه خطوة نحو مستقبل جديد لسوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، لكنه في الواقع يبدو أقرب إلى مشهد مسرحي تُعاد كتابته وفق مصالح القوى المسيطرة. فمنذ أن استولت الفصائل المتمردة على الحكم في هجوم عسكري مفاجئ، تحوّل الحديث عن انتقال سياسي "شامل" إلى خطاب دبلوماسي مصمم لطمأنة الداخل والخارج، بينما تبقى الحقائق على الأرض أكثر تعقيدًا.
المؤتمر، الذي وُصف بـ"التاريخي"، يهدف إلى رسم ملامح سوريا الجديدة، لكنه يُعقد وسط ضبابية سياسية وغياب كامل لأي خارطة طريق واضحة. وبينما تُناقش قضايا العدالة الانتقالية، وإعادة هيكلة المؤسسات، وصياغة دستور جديد، يرزح السوريون تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة وأوضاع أمنية هشة، مما يجعل الكثيرين يرون أن هذا الحوار ليس أكثر من واجهة لإضفاء الشرعية على نظام جديد، صيغته لم تُحدد بعد، لكنه بالتأكيد لن يختلف كثيرًا عن الأنظمة السابقة من حيث استحواذه على السلطة.
المثير للجدل هو أن المؤتمر يعكس بوضوح كيف يُعاد تشكيل سوريا وفق معادلات إقليمية ودولية، وليس وفق إرادة شعبها. القوى الكردية الكبرى مثل قوات سوريا الديمقراطية، والتي تسيطر على جزء كبير من البلاد، لم تُدعَ للحوار، في خطوة تعكس استمرار الانقسامات العميقة. في الوقت ذاته، يتم الحديث عن حل الجماعات المسلحة ودمجها في جيش وطني جديد، وهو أمر قد يبدو جذابًا نظريًا، لكنه يثير تساؤلات جدية حول مدى إمكانية نجاحه في بلد تفتت نسيجه العسكري على مدار أكثر من عقد من الحرب.
من جهة أخرى، يبقى الموقف الدولي حذرًا، إذ تنتظر العواصم الغربية والعربية نتائج هذا المؤتمر لتحديد ما إذا كان يمكن اعتبار النظام الجديد شريكًا مقبولًا على الساحة الدولية، أم مجرد امتداد للفوضى التي غرقت فيها البلاد.