نبض سوريا - خاص
تشهد سوريا منذ سقوط النظام السوري وصعود نفوذ هيئة تحرير الشام والفصائل الموالية لها، تصاعداً ممنهجاً في اعتداءات تستهدف الرموز الدينية والمقابر، في محاولة لإثارة النعرات الطائفية وضرب التعايش المجتمعي. وقد برزت هذه الممارسات بوضوح بعد مجازر الساحل، حيث انتشرت مقاطع مصورة توثق عمليات التخريب الممنهج للمقامات الدينية، بدءاً من حرق مقام أبي عبد الله الحسين الخصيبي ذي الرمزية التاريخية في حلب، مروراً بتدمير مزارات في حمص واللاذقية وطرطوس، ووصولاً إلى نبش قبور الشهداء وتكسير شواهدها.
لم تقتصر الاعتداءات على الطائفة العلوية، بل امتدت إلى المسيحيين عبر تكسير الصلبان وحرق أشجار الميلاد، واستهداف الكنائس والمطرانيات بالرصاص. وفي تصعيد جديد، تكرر المشهد في رأس العين بالحسكة، حيث دُمِّر مزار كردي وحُفِر تحته، في إطار سياسة توسيع رقعة الاستفزاز الطائفي.
يُعتبر تدمير المقدسات جزءاً من استراتيجية تقوم عليها فصائل متطرفة لخلق فجوات مجتمعية، مستغلةً تنوع الشعب السوري الديني والطائفي، والذي ظل لسنوات رمزاً للتعايش. وتنفذ هذه الأفعال علانيةً أمام الكاميرات، دون خشية من محاسبة، في مؤشر على تفشي ثقافة الإفلات من العقاب. ويطرح غياب المساءلة القانونية تساؤلات حول دوافع استهداف حرمة الموتى ورمزية الأضرحة، خاصة مع تكرار المشهد منذ اجتياح حلب، وصولاً إلى جرائم مماثلة ارتكبتها مليشيات مدعومة تركياً، كتلك التي ظهر فيها وزير خارجية هيئة التحرير، أسعد الشيباني، وهو يحطم تمثال السيدة العذراء في العراق.
لا تُعد حوادث نبش القبور حديثة العهد، إذ سبق أن مارستها أجهزة النظام السابق وميليشياته، لكن تصاعدها اليوم يُنذر بتحويلها إلى "أداة عادية" لتأجيج الصراع، ما يدفع إلى تخيل حجم الانتهاكات التي ترتكب بعيداً عن عدسات الكاميرات.