نبض سوريا -متابعة
يتمثل الاختلاف بين الأسد والشرع في سعيهما لتثبيت السلطة، فالأول اعتمد على القوة والقمع لفرض هيمنته الدائمة، بينما سعى الثاني إلى سن قوانين ودستور يدعم شرعيته. الأسد أعلن نفسه رئيسًا دون انتخابات، مستغلًا نفوذه في تصفية المعارضين وفرض الأمر الواقع، ثم عدّل الدستور ليتواءم مع تمديد حكمه. أما الشرع، فمن خلال اجتماعات محدودة، غيّر الدستور ليُشرعن لفترة انتقالية مدتها خمس سنوات.
تمتع الأسد بسلطة مطلقة في فرض حالة الطوارئ وتحديد مدتها دون الرجوع للسلطة التشريعية، في حين شكل الشرع لجنة لصياغة دستور جديد يسمح له بإعلان الطوارئ بموافقة مجلس أمني يختار أعضاءه بنفسه. بدأ عهد الأسد بعنف دموي قضى على المعارضة، بينما أرسل الشرع فصائل مسلحة مع إدانة الأحداث علنًا، مما أثار تشويشًا في الرأي العام، لكنه كشف تناقضًا بين خطاب حل الفصائل وواقع عدم السيطرة عليها.
اتسم نظام الأسد بخلط السلطات التنفيذية والتشريعية تحت مظلة ولاءات شخصية، في حين فصل الشرع بين السلطات رسميًا لكنه احتفظ بحق تعيين ثلث الأعضاء التشريعيين. استخدم الأسد مصطلحات إعلامية براقة كالاشتراكية والمقاومة، بينما ركز الشرع على خطاب الوحدة الوطنية وسيادة القانون، مع إشارات إلى "فلول النظام" و"الأيادي الخارجية".
اعتمد الأسد على خلق خوف طائفي غير مباشر لربط استقرار البلاد بوجوده، في حين قدّم الشرع نفسه كمخلص من الظلم والفساد. رغم ادعاء الأسد احترام الخصوصيات المجتمعية، إلا أن سياساته عمّقت النزعات الطائفية، بينما تبنى الشرع خطابًا إعلاميًا عن المشاركة والسلام، لكن التطبيق أظهر توجهًا نحو مجتمع ديني متشدد وتقسيمًا للمواطنة.
اختار الأسد حكومة متعددة الأوجه تحت شروط الولاء المطلق، بينما اقتصر الشرع على لون واحد بحجة الانسجام. سيطر الإعلام الأسدي المُسيّس على المشهد، بينما ألغى الشرع الإعلام الرسمي ليفتح الباب للشائعات والخطابات المتطرفة.
تحالفات الأسد مع روسيا وغيرها قامت على الخضوع، في حين ارتبط الشرع بعلاقات وصاية مع تركيا. اقتصاديًّا، مارس الأسد سياسات احتكارية جائرة، بينما تبنى الشرع نظام السوق الحر دون بنية تحتية داعمة. أخيرًا، تجاهل الأسد المجتمع الدولي معتمدًا على القمع، بينما سعى الشرع لكسب الدعم الدولي عبر خطاب ديمقراطي ظاهري.
رغم كل الاختلافات في الشكل والمضمون، يبقى مصير الشعب مجهولًا، متعلقًا بأملٍ قد يضيء مستقبلاً غامضًا.